الاخبار

اجتماع مجلس ادارة النادي

2017-05-08
اجتماع مجلس ادارة النادي

لم تكن القضية الفلسطينية طوال مراحل تطورها شأناً فلسطينياً بحتاً، ولن تكون في المستقبل. والحديث هنا ليس عن الاهتمام بها ولكن عن أسباب نشوئها وسبل حلها، وتأثرها سابقاً ولاحقاً بالمتغيرات الدولية والإقليمية بما فيها العربية. ربما يعود ذلك، في جانب منه، لنشأة القضية كمشروع غربي وجد مصلحته في التخلص من "المشكلة اليهودية" في أوروبا والعالم عبر إبعاده اليهود وإنشاء كيان سياسي لهم يمكن أن يكون "دولة عازل" في قلب المنطقة العربية يمنع توحدها ويظل عامل توتر فيها، وقد يكون لضعف الفلسطينيين وحدهم في مواجهة المشروع الاستيطاني الإحلالي، وقد يكون لأسباب أخرى كثيرة.

لكن، في نهاية المطاف، فالقضية الفلسطينية قضية إقليمية ودولية، وتتأثر بشكل مباشر بالمتغيرات المهمة على هذين الصعيدين، وهنا تأتي أهمية رصد بعض التوقعات للبيئتين الدولية والإقليمية على المدى البعيد، لاستشراف أثر كل ذلك عليها.

في المقام الأول، لا ينبغي إغفال "الانسحاب من الشرق الأوسط" كاستراتيجية أمريكية واضحة للتفرغ أكثر لمواجهة التمدد الصيني فضلاً عن المواجهة مع روسيا في أوروبا. صحيح أن هذا الانسحاب لا يعني الغياب تماماً عن المنطقة، لكنه سيعني بالضرورة تراجع مستوى الاهتمام والاشتباك وبالتالي تراجع القدرة على الضغط على دولة الاحتلال. ولأن هذه الاستراتيجية ليست من وليدة أفكار الرئيس الحالي فإنها مستمرة في حال نجح أحد الديمقراطيين في الانتخابات القادمة، بينما سيكون الوضع أسوأ فيما يتعلق بالعلاقة مع دولة الاحتلال في حال نجح أحد الجمهوريين.

من ناحية أخرى، لا يمكن التعويل كثيراً على "عودة" روسيا للمنطقة، فالحرب الباردة ولت إلى غير رجعة، وما نشهده اليوم لا يعدو كونه اللمسات الأخيرة على نهايتها بطريقة أو بأخرى، وغالباً بتوزيع النفوذ. إن التواجد الروسي في المنطقة مبني على عدة ركائز لا تخدم دوراً لها في القضية الفلسطينية يوازن الدور الأمريكي، وأهمها التوافق السياسي مع واشنطن، والمساومة في الملفات ما بين سوريا وأوكرانيا، والوجود بالحد الأدنى لتحقيق أفضل النتائج.

أما الاتحاد الأوروبي ففي أضعف حالته، وتكاد أزمة اللاجئين التي فرضت نفسها عليه خلال العامين الماضيين تودي بعدد من زعماء القارة الأوروبية، فضلاً عن وحدة الاتحاد نفسه في الجنوب (اليونان) والغرب (بريطانيا). أما الصين فما زالت تخطو خطواتها الأولى على طريق المنافسة العالمية، وتبدو مكتفية حتى الآن بالاقتصاد.ملخص ذلك هو نظام عالمي يتهاوى -أو ربما قد تهاوى فعلاً -دون أن يستبدل بنظام آخر أكثر استقراراً، بينما لا تبدو الأمور على المستوى الإقليمي أحسن حالاً. فقد أنهكت الثورة المضادة العالم العربي وأغرقته في أزمات يصعب توقع نهايات سريعة لها، وغيَّبت عن ساحة الفعل العديد من الدول المؤثرة في القضية الفلسطينية، فضلاً عن وضعها مصر تحت حكم السيسي كعنصر ضغط على القضية وأبنائها، وخصوصاً مقاومتها. وهو ما يعني أن الفترة الانتقالية التي امتازت بحالة متفهَّمة من الانشغال بالأوضاع الداخلية لكل قطر عربي على حدة على حساب الاهتمام بالقضايا الكبيرة الجامعة مرشحة للاستمرار حتى إشعار آخر، قد يتأخر كثيراً. كما لم تبلور المنطقة حتى الآن توازنات أو أحلافاً مستقرة يمكن التعويل عليها في قراءة المشهد العربي -الإقليمي ثم البناء عليها.